Tuesday, October 25, 2005

 
الثلاثاء 25 تشرين الأول 2005
صباح الخير........
مساء أمس انفجرت عدة سيارات مفخخة في بغداد, في منطقة الفنادق, ساحة الفردوس..
وكانت النتيجة كما فهمنا من بين سيل من الجمل المتشابكة في الأخبار أن مكاتب اعلامية امريكية كانت الضحية , حيث تدمرت اجزاء أو كل مكاتب راديو سوا, وقناة الحرة
...
همممممم
بالنسبة للعراقيين , هذه المكاتب وجه آخر للإحتلال الأمريكي وإن كان يحوي أغاني حلوة تبث على الهواء, وتقارير اخبارية ملونة على الشاشة....
حسنا, ماذا قال المتحدث بإسم الحكومة العراقية كتعليق على هذه الحادثة وتبرير ضعف الحكومة في ضبط الأمن, قال : هؤلاء المجرمون لا يتورعون عن تفجير مستشفيات واسواق شعبية لقتل مدنيين...
همممم
أين هي الأسواق الشعبية والمستشفى الآن في هذا الحدث؟
كأنه يحفظ قصيدة ما, ويكررها في كل المناسبات !
عادة الزرقاوي كان الاداة لتنفيذ تلك العمليات الإجرامية وتشويه صورة المقاومة العراقية الحقيقية, والتي هي مشروعة ضد الإحتلال الأجنبي وتعترف بها القوانين الإنسانية ومتفق عليها..مقاومة المحتل حق مشروع

الإرهاب ممنوع ؟
نعم, الإرهاب ممنوع ما دامه يمثل عمليات ضد المدنيين الآمنين , وتدمير البنية التحتية والمدنية لأي بلد, بطريقة عبثية لا معنى لها
لكن أين العبثية في أعمال المقاومة الوطنية؟
ثمة فرق واضح ينبغي النظر اليه, والإبتعاد عن الخلط لتضليل الناس, وهذا ما يجري في العراق منذ سنتين واكثر....
الان خفت موجة تفجيرات الزرقاوي التي كانت متخصصة لتكريس الطائفية والإنقسام بين العراقيين, وجاء دستور بريمر لينفذ رغبات الزرقاوي ويقسم العراق الى فدراليات , ثم ساد هدوء وتوقفت التفجيرات العبثية التي تقتل مدنيين عراقيين...
والآن ظهر على الساحة موجة التفجيرات التي تستهدف الإحتلال...وهذا محرج لكل من الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية الحالية...
وطبعا كل منهما سوف ينوح ويجوح ويقول هذه اعمال عنف وارهاب ولاب لاب لاب...
السؤال هو : من يضع قواعد اللعبة بين طرفين؟
أقصد من الذي بدأ الحرب على العراق وكيف تمت ادارتها على الأرض, ومن خلال الإعلام , لتسيطر على عقول الناس وتبرر قيام الحرب وتبرر استمرارها ؟
كانت اميركا في الواقع تقصفنا وتهدم البيوت وتقتل المدنيين على الأرض, لكنها لا تظهر القصة على وسائل الإعلام بهذا الوجه...
تظهر الطيارين الأبطال يقصفون جسورا فارغة من سيارات ومشاة, وشوارع او أهداف بعيدة لا نرى سوى الدخان...
وتظهر افراد الجيش الأمريكي الأبطال النظيفين جالسين على دبابات متطورة انيقة تقصف اهدافا عن بعد, وتقتل رجالا اشرارا مثل صدام حسين
هكذا تم تسويق قصة الحرب على العراق بوسائل الإعلام الغربية...
بينما نحن الذين نعيش داخل العراق, وعشنا تجربة الحرب اليومية , نعلم اسماء الضحايا المدنيين من رجال ونساء واطفال, الذين جرحوا او ماتوا وهم داخل بيوتهم والمستشفيات التي ذهبوا اليها طلبا للعلاج أو ماتوا فيها فذهبنا نعزي عوائلهم ونلعن بوش وادارته وحربه الظالمه....
نحن بهذا نملك وجها آخر للقصة....
وننظر للإدارة الأمريكية وطياريها وجنودها بعين أخرى...
يعني ببساطة عندما يسألون شخصا ما : ماذا تعرف عن فلان؟
هو إما سيقول شيئا سمعه وأعاده كالببغاء, أو عاش تجربة حقيقية مع فلان جعلته يمتلك تصورا خاصا لتقييم ذلك الفلان...
وهذه هي قصة تجربتنا مع الحرب الأمريكية على العراق...
رأينا انها حرب جاءت لتقصفنا بلا رحمة, ناس, وشوارع وجسور ومباني ومحطات مياه وكهرباء ومجاري...
اكتشفنا انهم لا يكرهون صدام حسين وحده , أو حاقدين عليه, اكتشفنا انهم يكرهوننا جميعا, ويعاملوننا بنفس القسوة التي يعاملون بها صدام حسين ومن معه...
وحين تدمر المتحف العراقي ونهب , واحرقت المكتبة الوطنية والوثائق التاريخية القديمة, رأينا ان هؤلاء حاقدين على العراق وحضارته أيضا...
كيف نثق بهم ونصدق أنهم جاؤا محررين لنا؟
إن كان ثمة من يصدق هذه القصة من شعوب الأرض, فنحن لا نقدر, لأن واقع التجربة قال لنا شيئا آخر.........
هل ثمة من يظننا نضع احكاما مسبقة ضد الإحتلال أو نردد كلاما كالببغاء؟
حين نعيش التجربة, نمتلك نظرية المعرفة التي جاءت من تلك التجربة....هكذا هو الواقع عادة لكل البشر.....
*********************************
أميركا هي التي بدأت بصياغة الخطاب الإعلامي للحرب, والإعلام يعمل جنبا الى جنب مع العسكر, يعني هو شريك رقم واحد للعمليات العسكرية, وهو من جهة اخرى يغسل عقول الناس ويخدعهم ويروي لهم قصصا تختلف عن الواقع
أميركا تبرر قتل المدنيين العراقيين وتعتبر ذلك من ضمن حسابات الخسائر المقبولة, يعني التي ممكن ان نتغاضى عنها من أجل انجاز تدمير العدو, ونتغاضى عن الإنسانية والنساء والأطفال الحلوين الضحايا...
لكن في تفجير من نوع آخر مثل مجمع سكني لموظفي شركة امنية امريكية, لا يظهرون أن هذا المجمع هو هدف مبرر للمقاومة , بل يظهرون صور النساء والأطفال الذين قضوا خلال تلك العملية الإرهابية, ويصبون جام غضبهم على منفذيها ووصفهم بالمجرمين والوحوش...
لماذا؟
ربما من نظر منفذي العملية هذه ضحايا لابد منها, كخسائر مقبولة, في سبيل انجاز تدمير هدف عسكري أو اقتصادي يضر العدو..
لكن الإعلام الأمريكي يصور الجانب المأساوي الإنساني الذي يفطر القلوب, ويثير السخط على منفذي العملية, ويسميهم مجرمين..
وكذلك المعادلة بالنسبة لإسرائيل تاريخيا
كيف فازت بحربها الإعلامية ضد الفلسطينيين؟
تقتل آلاف الأطفال الفلسطينيين وامهاتهم, ولا يظهرهم الإعلام....يأتي الخبر باردا محايدا أن اسرائيل شنت غارة استهدفت مسلحين فلسطينيين........
وعندما يسقط صاروخ مقاومة فلسطينية على مستوطنة كل سنة مرة مثلا, يظهر على الشاشات رجل اسرائيلي مجروح في رأسه , يحمل طفلته, ويركض مذعورا...والله تتفطر قلوب المشاهدين في الغرب ويقولون : اوه, هؤلاء الفلسطينيون مجرمون وارهابيون, اقضوا عليهم !
لكن الإعلام نفسه أخفى جثث الأطفال الفلسطينيين وعوائلهم من ضحايا القصف الإسرائيلي المستمر لسنوات وسنوات....
اليس هذا إعلام مشارك بالجريمة ويغطي عليها؟
ان كان ممكن أن يخدعوا الناس قديما , فنحن اليوم ما عدنا اغبياء ونصدق كل ما نراه على الشاشة...بدأنا ندرك انهم يقولون نصف الحقيقة على الشاشة لتضليل الناس...
وهذا عار على الإعلام والإعلاميين...
ثمة شرفاء يريدون قول الحقيقة كاملة من اعلاميين عرب وغربيين لكن من سيسمح لهم؟
ومن سيبث وجهة نظرهم؟
كما العسكر مسيطرون بدباباتهم في ساحة المعركة, كذلك ثمة ارهاب فكري اعلامي ضد وجهة النظر الاخرى, وهذا الإرهاب الفكري موجود أولا في أميركا ووسائل اعلامها لأن الذين يملكونها هم أغنياء متنفذين مستفيدين من الحروب , والناس هناك محاصرون بوجهة النظر الرسمية تطاردهم في التلفزيون والراديو والصحف...
أين الديمقراطية الغربية هنا؟؟
لماذا الناس مجبرين على تبني وجهة نظر الحكومة وتصديقها؟
**********************************
ثمة نقطة تحيرني دائما , وهي تظهر بعد قراءة نتائج استطلاعات حول شعبية الرئيس الأمريكي وطبعا تتعلق بمستوى الأداء له ولفريقه...
دائما نقرأ هذه الأيام ان نسبة شعبية الرئيس متدنية منذ توليه الرئاسة أو مقارنة بالرؤساء الأمريكيين السابقين والنسب التي كانوا يحصلون عليها...
ما ذنب الناس يحتملون رئيسا وحكومة , ليسوا موفقين في سياساتهم الداخلية والخارجية؟
أقترح مثلا اضافة فقرة للدستور الأمريكي تقول : ممكن ازاحة الرئيس وطاقم عمله عن السلطة حين تهبط شعبيته عن أرقام معينة ....
ما معنى الدستور والإنتخاب والديمقراطية وما جدواها؟
الم يخترعوها لخير الناس وراحتهم؟
لماذا اذن تتحول الى قيود ثقيلة مفروضة على الناس وقاهرة لإرادتهم؟
لماذا الناس مجبورون أن يتحملوا 3 سنوات أخرى حتى ينزاح هذا الطاقم الرئاسي عن السلطة والقرار؟
والله هذا ظلم...
لابد من ايجاد حلول منطقية لهذه المشكلة , ليست في اميركا وحدها, وإنما في كل الدول , لابد من ايجاد بنود حماية للشعوب تخلصهم من بقاء حكام لا يرغب الشعب بهم ولا يثق بهم ..
وهم باقون رغما عن انوف الناس لأن فترتهم الرئاسية لم تنته بعد ؟
أداءهم رديء, ومازالوا ملتصقين بالكرسي, يحميهم الدستور ويعطيهم حق البقاء والجلوس على قلوب الناس...
يا لها من حالة مملة تحتاج الى حل دستوري !
***************************
ويحزننا ما يحدث لسوريا , بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني, تتسارع الأحداث لتبدو ان ثمة عقاب يراد اتخاذه ضد سوريا , هذه قصة لا نعلم مقدار تورط سوريا الحقيقي فيها, وجاء تقرير مليس المثير للفتن والشكوك ليزيد من سوء الحال كما كان متوقعا...
حسنا, لنفرض أن ثمة اغتيال لشخصية سياسية قد حدث...لكنه لا يستوجب تدخل مجلس الأمن والمبالغة في الموضوع, وطلب عقوبات على دولة مثل سوريا, ولاب لاب لاب
انها تشبه قصة اسلحة الدمار الشامل عند العراق... والمبالغة فيها ثم شن الحرب عليه
واضح أن الذين في الإدارة الأمريكية حاليا, متخصصين في التبلي على العباد.. وتجهيز التهم وتلفيقها, وتدوير القصة من هنا الى هناك لتصبح تهمة خطيرة تستحق اشد اجراءات مجلس الأمن ( الخرخيشة في يد أميركا والتي تستعملها متى تشاء بإسم الشرعية الدولية )
أين هي الشرعية الدولية حين تدمر العراق وما زال؟
اراها صامته متواطئة ؟
واين هي حين اغتالت اسرائيل قادة المقاومة الفلسطينيين قديما وحديثا؟
أم أنهم ارهابيين بمقاييس تلك الشرعية الدولية؟
أميركا لن تتردد في التحريض على مصادمات بين الأكراد المقيمين في سوريا وبين الحكومة السورية, ولن تتردد في البحث عن قرود أقصد رجال معارضة سوريين مقيمين في الخارج, مستعدين لتدمير وطنهم من اجل الوصول للكرسي كما حصل في العراق, ولن تتردد في فرض حصار وتجويع السوريين وشد الخناق عليهم لإقناعهم بتبديل هذه القيادة الحالية...وهكذا, صرنا نتوقع كل القصص التي ستأتي... والمحتمل حدوثها...
وإكتشفت أن أميركا لا يحكمها محافظون متشددون مثل رامسفيلد وديك تشيني ومن معهم ووراءهم من اصحاب شركات عملاقة عابرة للقارات , واصحاب رؤوس أموال ومؤسسات مالية, هؤلاء يقبضون على السلطة حاليا ويحققون سلطة رأس المال , وكيف لها القدرة على التحكم بمصير شعوب ودول العالم, يساندهم معاهد فكرية يسمونها
think tank
مثل معهد الدراسات السياسية والستراتيجية, هذه معاهد متخصصة في دراسة الدول واوضاعها الداخلية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا , وبذلك تقدر ان ترسم الخطط والأفكار بالتعاون مع المخابرات المركزية سي آي ايه , لقلب انظمة الحكم في تلك الدول , أو شن حروبا نتائجها مضمونة لصالح رأس المال وادارة أميركا الحالية الحالمة بالسيطرة على العالم تحت شعار العولمة....
اكاد ارى هناك رسمت الخطط لتوريط العراق بحرب ايران , وكيف تم استغلال اخطاء صدام لدخول الكويت واستثمارها لجلب الجيش الأمريكي الى منطقة الخليج لإحتلال منابع النفط تحت حجة حماية الكويت من جاره الشرير , وكيف ثم بعده تخطيط الحصار, وكيفية تطبيقه, ثم قصص اسلحة الدمار الشامل, وعلاقة القاعدة بالعراق وهكذا حتى قامت الحرب...
ثم ترتيب قصص ما بعد الحرب بين السنة والشيعة والعرب والأكراد, ثم الزرقاوي , ثم بناء قواعد عسكرية امريكية في العراق بعيدا عن مرأى الإعلام وخلف قصص الموت والدم المسفوح يوميا في العراق, وما زال مسلسل القصص الذي تنتجه معاهد الفكر الأمريكية تلك مستمرا....
وربما هي نفسها الآن تلفق القصص ضد سوريا وتحبك طريقة لإسقاط النظام أو محاصرته واسقاطه دون حرب ودماء...
وكذلك ستنتج تلك المعاهد قصصا عن ايران وكيف السبيل لعزلها او اسقاط حكومتها...

أميركا لا يحكمها الرئيس بوش...
أميركا يحكمها مجموعة من مفكرين ومخططين خبثاء طامعين بكل شيء, وعندهم حلم السيطرة على كل شيء ضمن كوكب الأرض...
لا رئيس حاكم هناك ولا أحزاب...
ثمة فئة صغيرة قابضة على السلطة والمال ووسائل الإعلام وتحاول أن تتحكم بكل شيء داخل اميركا وخارجها....

أرى أميركا محتلة....وتحتاج الى من يعيد لها حريتها ....
وأيضا ديمقراطيتها !



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives